برزت دولة الإمارات العربية المتحدة رائدةً في تبنّي «التحول الأخضر»، وإعطاء الأولوية للتنمية المستدامة والحفاظ على البيئة. وفي هذا المجال لا بدّ أن يواكب جهود الدولة تلك دعمٌ كافٍ للبحث العلمي، بصفته عنصراً حيويّاً في عملية التحوُّل. وأود أن أقدّمُ ثلاثة اقتراحات بهذا الشأن:
أمَّا الاقتراح الأول، فهو توحيد مبادرات البحث العلمي بين مراكز البحوث والجامعات والهيئات الحكومية والقطاع الخاص، لأن وجود مبادرات متكررة ومتشابهة قد يمثّل تحدّياً لفاعلية البحث العلمي في هذا الاتجاه، ولأن توحيد مبادرات البحث العلمي أيضاً أمر حيوي لنجاح التحول الأخضر في دولة الإمارات عبر التعاون بين مختلف أصحاب المصلحة، من حيث اتباع نهج شامل تطبيقي لمواجهة تحديات التحول الأخضر. وبتجميع الموارد والمعرفة والخبرة تستطيع مراكز البحوث والجامعات والجهات الحكومية والقطاع الخاص العمل معاً لتطوير حلول مبتكرة للاستدامة، والطاقة المتجددة، والحفاظ على البيئة. وسيعزز هذا التعاون أيضاً تبادل المعرفة والبحث المتعدد التخصصات ذات التوجه الصناعي، ما يؤدي إلى نتائج أكثر فاعلية وقابلية للتطبيق.
ويكمُن الاقتراح الثاني في أن دولة الإمارات تستطيع دعم البحث العلمي للتحول الأخضر، بوجود منصات إلكترونية تجمع بين القطاعين الأكاديمي والصناعي، إذ تعمل هذه المنصات محفزاتٍ للتعاون، وتسهّل تبادل الأفكار ونتائج البحوث وأفضل الممارسات. وعن طريق سد الفجوة بين الأوساط الأكاديمية والصناعية، تتيح هذه المنصات نقل المعرفة بفاعلية، ما يؤدي إلى تطوير حلول عملية ومستدامة يمكن تنفيذها على نطاق أوسع.
ويركز الاقتراح الثالث على نقل المعرفة وتوطينها، وهذا جزء لا يتجزأ من حركة البحث العلمي في دولة الإمارات، عبر الاستثمار في قطاع البحث والتطوير وتفعيله من قِبل المجالس المتخصصة، مثل مجلس البحث والتطوير الذي يلعب دوراً مركزيّاً في البحث العلمي بالدولة. وقد يكون ذلك، مثلاً، عبر الحصول على أحدث التقنيات وتكييفها لتتناسب والتحديات الصناعية المحلية والدولية، مع توفير القوى العاملة المواطنة وتدريبها، وبهذا تضمن دولة الإمارات تطبيق المعرفة العلمية وتنفيذها بفاعلية، وتصبح من الدول المنتجة لاقتصاد المعرفة والمصدِّرة له. وإضافة إلى ذلك، فإن توطين المعرفة يمكّن دولة الإمارات من مواجهة تحدياتها البيئية الفريدة، مع تبادل خبراتها وأفضل ممارساتها مع المجتمع العالمي.

وفي الوقت الذي تستعد فيه دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة مؤتمر الأطراف «كوب 28»، فإنها تعزز التزامها بالتحول الأخضر، إذ يوفر المؤتمر منصة عالمية للمناقشات والتعاون بشأن تغير المناخ والاستدامة.
إن حركة البحث العلمي في دولة الإمارات تلعب دوراً محوريّاً في دعم التحول الأخضر في البلاد، وبتوحيد المبادرات البحثية، ووضع التشريعات الداعمة، ووجود منصات إلكترونية للتعاون، ونقل المعرفة وتوطينها، تمهّد دولة الإمارات الطريق للتنمية المستدامة والحفاظ على البيئة. وفي الإعداد لمؤتمر «كوب 28» سيشهد المجتمع العالمي تفانيَ دولة الإمارات في البحث العلمي من أجل مستقبل أكثر اخضراراً. ومع استمرار الجهود والتعاون، فإن دولة الإمارات في وضع ممتاز يجعلها قدوةً يُحْتَذَى بها في السعي إلى تحقيق مجتمع مستدامٍ وواعٍ بالبيئة عن طريق البحث العلمي.

الدكتور/ غانم عبدالله كشواني
مستشار جمعية المهندسين الإماراتية